السبت، 8 ديسمبر 2012



إن الفن التشكيلي جزء من ثقافة الناس وممارساتهم اليومية، وهو كذلك تعبير عميق عن مخزون القلوب البشرية من انفعالات وأحاسيس تحمل رسالة موجهة من قبل الفنان مشبعة بثقافته وتجربته لتنقلها إلى الجماهير.
وقد رأينا كيف شهدت السنوات الأخيرة من القرن الماضي ما تعرضت له الفنون التشكيلية في مصر مما يعرف بموجات الحداثة، وهي تلك النظريات التي استطاع الغرب أن يروجها في العالم من أجل فرض نمطه الحضاري وطمس فنون وهويات الحضارات العريقة ومن بينها الحضارات الفرعونية والعربية والإسلامية.
كما تابعنا كيف تأثرت تلك الفنون بنظريات ما بعد الحداثة في الفن - كالرمزية والتكعيبية والسريالية وغيرها - تلك النظريات التي من شأنها أن تقطع الصلة بين المبدع والمتلقي .. أي بين الفنان ومجتمعه، كما رأينا كيف أن بعض الفنانين في مصر قد تبنوا هذه الاتجاهات بالرغم من تبعيتها للفكر الغربي وانصبابها على مشكلاته التي لا تتشابه مع مشكلات مجتمعنا.
وبهذا فقد رسخ تيار العولمة فكرة اللامكانية في مجال الفنون التشكيلية، أي التخلي عن الجذور مع تجاهل ارتباط العمل الفني ببيئته التاريخية والجغرافية وعدم احترامه للخصوصيات التي تبنى عليها المجتمعات المختلفة.
كما سعت العولمة لربط جميع الشعوب ببعض المسلمات الفكرية بما يمهد لسيطرة فنية غربية شاملة، حيث أن معظم فنون ما بعد الحداثة -المواكبة لفكر العولمة- قد سعت للخروج بالفن عن نطاقه الجمالي، وبالتالي فإنها لم تبد الاحترام الكافي للخصوصية الجمالية التي تميز كل ثقافة، ولعل هذا هو ما دفع الإنسان المصري إلى الشعور بأن هذه الفنون ليست نابعة منه ولا معبرة عنه.
إلا أنه وبالرغم من هذه التأثيرات الحداثية على مسار الفن التشكيلي فى مصر فإن الفنان المصري سرعان ما أيقن بأهمية العودة إلى المدرسة التعبيرية -الانطباعية- لما لهذه المدرسة من دور كبير في التعبير عن واقع المجتمع.
وإذا كانت الاتجاهات التعبيرية تبقى متغايرة من فنان إلى آخر، إلا أن التحديات السابق الإشارة إليها باتت تفرض نفسها على كل فنان أصيل يسعى إلى إعادة الروح إلى الفن الذي يرتبط بهموم الناس وقضايا الوطن باعتباره سلاح هام وفعال للمحافظة على الهوية الوطنية وسط هذا الذوبان الذي يتلاشى فيه كل شيء أمام طوفان العولمة.
وبوصفي واحدا من هؤلاء الذين يؤمنون بضرورة قيام الفن بحمل هذه الرسالة، فقد اخترت لنفسي طريقا يمزج بين الأصالة والمعاصرة فى صياغة تشكيلية حديثة أقرب إلى سيمفونية تبنى بالأساس على خصوصية البيئة المصرية بكل ما تحمل من تنويعات سياسية واجتماعية وثقافية، لكنها وخلال نفس المعزوفة لا تستبعد التأثير المتبادل – على قدم المساواة – بين ثقافتنا ومختلف الثقافات الأخرى التي اقتربت منها وعايشتها على أرض الواقع عبر رحلتي الفنية التي خضت خلالها تجارب ثرية خلال مراحل مختلفة من عمري قضيتها متنقلا ما بين العديد من دول الشرق والغرب.

ابراهيم شلبى

2 التعليقات:

غير معرف,  10 فبراير 2010 في 1:30 ص  

hello... hapi blogging... have a nice day! just visiting here....

About This Blog

Lorem Ipsum

  © Blogger templates Newspaper III by Ourblogtemplates.com 2008

Back to TOP